أهكذا تموت الأبطال؟
مضى أسـبوع على رحيلك، يا حسـام، وقد ملأت هذه الصفحات بجمل ورسـائل لم تكتمل... خانتني اللغة مرة ومراراً، ورفض منطقي الكلام عنك بصيغة الماضي... عنّدت، كذّبت الخبر، كذّبت كل ما قرأت عن الحادث... وأنت تعلم تماماً أسـبابي، تعلم كيف يبني المرء جداراً في صميمه ليحمي نفسـه من وقع الفاجعة، لفترة بسـيطة على الأقل، كي تسـنح له الفرصة ليسـتوعب ما جرى ويقوى على تقبّله.
واليوم، عليّ أن أقبل أنك رحلت. عليّ أن أقبل أنني وجدتك منذ عامين، وجدتك بعد بحث طال العشـرون سـنة منذ تخرّجنا المدرسـي، ليس لأفقدك اليوم، بل كي أكسـبك في تاريخ حياتي كالرجل المسؤول، كالأب الحنون، كالحالم المخطط الطموح الذي وصل الى مراده دون قسـاوة أو غرور... هل تعلم كم يفرحني هذا؟ كم يفرحني أن حياتك كانت ملأى بالحب والنجاح والمغامرات... أنها كانت ملأى بالحياة، وأن من حسـن حظي أن أسـمع عنها منك.
يفرحني أن الطبيب الناجح لم يتخلّى عن صفات شـبابه، وبقي كريم النفـس والعزّ، بقي بتلك الضحكة الخافتة، شـبه الخجولة، وتلك الابتسـامة الماكرة الدافئة التي طالما جعلتني أضحك على غلطتي التي كشـفتها دون أن أخجل منها.
يفرحني أنني اسـتعدت صوتك في آخر كتاباتنا وأننا عدنا أصدقاء وليـس ذكريات.
وسـتبقى هكذا، يا حسـام، صديق عزيز حثّني على النجاح والفكاهة... والاسـتمتاع بالحياة.
فإن عدت الى السـؤال الذي طاردني طول هذا الأسـبوع، يأتي اليّ الجواب ببسـاطة: نعم، هكذا يموت الأبطال، فمَن عاش بطلاً، يبقى بطلاً أبداً.
وداعاً، عزيزي، في أمان الله.
No comments:
Post a Comment